طالب العلم وعزاء «الملَكَة»

طالب العلم وعزاء «الملَكَة»

access_timeالخميس، 14 يونيو 2018 comment0 remove_red_eye

(٢)

طالب العلم وعزاء «الملَكَة»


ولعل من ظلمها أيضًا تقطيع المجالس وتمطيطها حتى ينسي آخرُ الكلام أولَه، فما هو إلا: إزهاق لروح «الوحدة الموضوعية» وإجهاز على «الملكة الفقهية»! و«ذكاة الجنين ذكاة أمه».

قال ابن خلدون في المقدمة:

«وكذلك ينبغي لك [أي: المعلم] ألا تطول على المتعلم في الفن الواحد والكتاب الواحد بتقطيع المجالس وتفريق ما بينها؛ لأنه ذريعة إلى النسيان وانقطاع مسائل الفن بعضها من بعض ، فيعسر حصول الملكة بتفريقها.وإذا كانت أوائل العلم وأواخره حاضرة عند الفكرة مجانبة للنسيان؛ كانت الملكة أيسر حصولاً وأحكم ارتباطا وأقرب صبغة، لأن الملكات إنما تحصل بتتابع الفعل وتكراره، وإذا تنوسي الفعل تنوسيت الملكة الناشئة عنه.. {والله علمكم ما لم تكونوا تعلمون}».

وهذا نموذج حقيقي وواقع عملي (مستفاد من تملك لإحدى النسخ الخطية للروض المربع):

«مَلَكَهُ إبراهيم بن صالح المداوي، سنة ثلاث وستين غرّة جمادى سنة: ١٢٦٣هـ.وابتدأتُ في قراءته على شيخنا الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن، الملقب بأبي بطين، أول سنة أربع وستين، سنة: ١٢٦٤هـ خامس عشر المحرم، وأتممته عليه آخر ربيع الأول، سنة ست وستين ومئتين وألف، متعنا الله به ونفعنا بعلومه.وقرأته أيضًا عليه ثانية في تلك المدة المذكورة، ووافق تمامها اليوم المبارك نهار السبت من الشهر المبارك شعبان لمضي أربعة وعشرين يومًا.. من سنة ستٍّ وستين ومئتين.. وصلى الله على سيدنا محمد..ثم قرأتُهُ أيضاً عليه في تلك المدة ووافق الفراغ من قراءته آخر يوم من شهر شعبان سنة: ١٢٦٨هـ ثمان وستين».

فاستغرقت القراءة الأولى: سنتين وشهرين.

والقراءة الثانية: خمسة أشهر.

والقراءة الثالثة: سنتين.

ونلحظ هاهنا:

١- تفاوت القراءة؛ فمدة القراءة الثانية ربع القراءتين الأولى والثانية بل أقل، وذلك أن لكل قراءة غرض، فقراءة الدرس باب، وقراءة الجرد والمراجعة باب آخر.(ولكل منهما غرض وفائدة، ولا تعارض!)

٢- تكرار الكتاب نفسه، بقراءة الطالب نفسه، على الشيخ نفسه! (وهذا ربما كان أنفع من الانتقال إلى كتاب آخر).

٣- ليس بين القراءات الثلاث فاصل.

٤- أطول مدة هي سنتان وشهران.

ولو كان في زماننا، لربما لا زال الطالب غارقًا مع شيخه في مصانع طريق مكة!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة © كناش النفائس