الرسالة مشهورة وصحيحة النسبة لا شك ..
وقد جمعت لها 3 نسخ ..
والردود عليها معروفة، وهي تنقل نص هذه الرسالة المنسوبة إلى الشيخ -رحمه الله-
ونقل ابن القيم عنها معروف ويمكن مقارنته بها للتأكد، وكذا نقل غيره أيضًا
والقول بأن ابن القيم قاله في بداية طلبه غير دقيق، فعبارته واضحة في كونه حين كتابة هذا الكلام كان الشيخ قد توفي -رحمه الله-وهي من أواخر مؤلفات الشيخ -رحمه الله ورضي عنه-
وحقيقة، كثير ممن تكلم في الموضوع من المؤيدين والمخالفين والمحبين والمعترضين لم يفهم القول على وجهه!
خاصة ما يردده كثير من الفضلاء ممن ينفي القول عن الشيخ ويحتج بأن الشيخ ينقل الاجماع على (عدم فناء الجنة والنار) ويحشد النقول عنه في مسألة أن (الجنة والنار لا تفنيان) ونحوها من العبارات ..
والحقيقة أن هذه العبارة وأمثالها لا تدخل في هذا النظر!
وآفة هذا عدم فهم القول على وجهه (بغض النظر عن صحة القول من عدمه)
فمثل هذه العبارات يراد بها الرد على الجهمية وأمثالهم من القائلين بفنائهما بناء على أصلهم الفاسد ..
- بل إن الشيخ ذكر هذه العبارة في نفس الرسالة أيضًا! (أي فصل في فناء الجنة والنار)وهذا من أبين الأدلة على تفريق الشيخ بين الأمرين
- ناهيك عن تقدم تلك النقول وتأخر هذه الرسالة (تأمل عبارة ابن القيم وقوله: في مجلسه الأخير)
ولو نظرنا في الرسالة لرأينا فيها نوع ميل إلى القول بالفناء
بالاضافة إلى بنائها، فبناؤها بناء من يميل لذلك، فقد ذكر أدلة الفناء وحشد، وذكر أدلة البقاء، ثم ناقشها واحدًا واحدًا
بالاضافة الى قوله فيها: فظهر إن القول بفنائها دل عليه الكتاب والسنة وأقوال الصحابة، مع أن القائلين ببقائها ليس معهم كتاب ولا سنة ولا قول صحابي .. أو نحو هذه العبارة
وأهم ما في الأمر بالنسبة لي:
كنت إلى وقت قريب أرى أن القول بميل الشيخ إلى القول بالفناء أمر محتمل وقول قوي جدًا ..
لأسباب، منها ما ذكر آنفًا ..
ولكن استجد معي أمر في غاية الأهمية، فقد يسر الله الكشف عن بعض الرسائل والمخطوطات للشيخ وغيره ..
وفي رسالة مخطوطة لمعترض على الشيخ وجدت فيها حاشية بخط ابن قاضي الجبل ينفي فيها نسبة هذا القول إلى الشيخ (وهو أعرف به خاصة في هذا الباب)
ويضيف: بأن من نسبه إلى الشيخ ونقله عنه إنما قاله من غير نظر في كلامه ولا إعتبار، ثم قالوا به تعصبًا ونقلوه مقلدين فيه بعضهم لبعض ..
ويقول: "ويا سبحان الله! كيف ينسب إليه القول فيها بالفناء وهو قد سمى القاعدة في ذلك بالبقاء؟! فهذا محال ..." انتهى
وهذه معلومة جديدة كليا، وهي:-
١- أن هذه الرسالة هي من المصنفات المسماة.
٢- إنه سمى هذه القاعدة بالبقاء لا الفناء!
فرسالة الشيخ كما هو ظاهر= استعراض للأقوال ونقل للخلاف وإيضاح بأن القول بالفناء ممكن غير ممتنع، لكنه:
"...لم يصوب منه شيئًا ولم يرض" انتهى
[من حاشية ابن قاضي الجبل]
محبكم
عبدالله بن علي السليمان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[تعليق منقول من قناة رؤى وأفكار]:
هنا تعليق على كلام نقلته قناة "كناش النفائس" عن الأستاذ عبد الله السليمان -وفقه الله- حول رأي شيخ الإسلام في فناء أو بقاء النار:
١- العبارة المنقولة عن ابن قيم الجوزيَّة مُصحَّفة في معظم الطبعات، فليست "في مجلسه الأخير" فلم يكن له مجلس أخير! بل العبارة الصحيحة هي: "في محبسه الأخير".
٢- كلام ابن قاضي الجبل -رحمه الله- لا جديد فيه ولا يضيف شيئًا مهمًا، إلا أن يقال: إنه من أول من دفع عن شيخ الإسلام القول بالفناء، ودفاعه من جنس دفاع المتأخرين الذين توافقوا على ذلك.
٣- من أراد أن يعرف رأي شيخ الإسلام ابن تيمية فليراجع كلام تلميذه اللصيق بل هو آخر من سأله في مسألة البقاء والفناء وابن تيمية -رحمه الله- في محبسه الأخير الذي مات فيه، وأخرج في ذلك "مصنفه المعروف"، وإنما جوهر مادة ابن القيم في الحادي والشفاء والصواعق من شيخه -رحمهما الله-
٤- أخيرًا، من أكدَّ نفي نسبة الفناء إلى الشيخين إنما نفاهما بناءً على اختلاف محل النقاش وجوهر البحث، وهذا فصلت الكلام عنه في موضعه في بحث خاص عام ١٤٢٢هـ، والله أعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أشكر فضيلة الشيخ الكريم د. عايض الدوسري -حفظه الله ورعاه- على تعقيبه على المنشور، وإثرائه للموضوع مما يتيح فرصة لمزيد بيان حول رأي الشيخ -رحمه الله-
📍وتعليقًا على ما تفضل به:-
ما ورد في (١) الأمر فيه قريب، وإن كانت: "محبسه الأخير" أدل على المراد.
وأما ما ورد في (٢، ٣) فمحل ابن قاضي الجبل من الشيخ لا يخفى، هما فرسا رهان، وعلى أقل تقدير هما عدلان، إن لم يكن لابن قاضي الجبل مزيد اختصاص بالشيخ في هذا الباب!
ونفيه ليس كنفي غيره .. نفيه عن خُبر!
إضافة إلى ما نسبه للشيخ من تسمية القاعدة بالبقاء، ولا يخفى ما في هذا العنوان من مدلول على مذهب الشيخ ..
وابن القيم لم ينسب إلى الشيخ في المسألة قولًا أصلًا؛ وإنما ذكر انه استشكل المسألة فسأل الشيخ عنها فقال له إن هذه المسألة عظيمة كبيرة، ولم يجبه فيها بشيء ..ثم إنه بعد زمن رأى في تفسير عبد بن حميد بعض الآثار في ذلك فبعث بها إلى الشيخ مستشكلًا مرة أخرى.. ثم أفاد بأن الشيخ قد كتب على إثر هذا هذه الرسالة.. فقطفلم ينسب إلى الشيخ قولًا-ولو افترضنا أن لكلام ابن قاضي الجبل معارضًا في مرتبته وقوة دلالته لربما قدمنا كلام ابن قاضي الجبل.. فكيف إذا لم يكن لكلامه معارض؟!
فهذا -من وجهة نظري- يرجح جانب النافين عن الشيخ القول بالفناء..
والله أعلم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق