رغم الجهد الذي بذل في تحقيق الكتاب وإخراجه سواء في طبعته الأولى الناقصة، أو الثانية التي يظن أنها كاملة، فإن الكتاب ما زال في تقديري محتاجا إلى إعادة تحقيق، فقد أنفقت في هذه الأيام الخالية ساعات طوال مع بعض فقراته لفهمها وفك غموضها؛ بالنظر في سياقها والرجوع إلى الأصل الخطي لها، فأيقنت أن الكتاب لابد أن تعاد خدمته من طرف حاذق بعلم الكلام ومتمرس بكلام ابن تيمية -رحمه الله-مع ضرورة تحصيل نسخ أخرى، وخاصة في القسم الأول الذي لم يعتمد فيه إلا على ما ورد موزعا ومبعثرًا في الكواكب الدراري لابن عروة
هذه نماذج لبعض الخلل:
1-في (1 /102) تقابلها (1 /174-175) من ط2 :" ثم أئمة هؤلاء قالوا: وكذلك ما وصف الله به نفسه من الوجه واليد، نقول: إنه من جنس العلم والقدرة والإكرام؛[؟؟؟] بل ما وصف الله به نفسه من الوجه واليد، هو مما يوصف من الله ويوصف الله به ولا نسميه جسمًا، لأنها تسمية مبتدعة وموهمة معنى باطلًا، ولا نقول ذلك من جنس العلم والقدرة ونحوهما"..فآخر الفقرة ينقض أولها ..وهما في الواقع قولان والنص فيه سقط كبير (حددت مكانه بعلامات الاستفهام)..والرأي الأول للكلابية والأشاعرة المتقدمين والثاني للسلف وفضلاء الحنابلة، وقبل هذا ذكر رأيا آخر هو مذهب الكرامية؛ ومحقق الجزء من ط2 ظنه مذهب الحنابلة كما هو في الهامش؟ وقد برأهم ابن تيمية منه في غير موضع منها (1 /21، 34) والأقوال كلها مفصلة في (1 /46-47 و76).
وبعدها قال:"وعلمنا أن هذه الصفات جميعها ما يفهم أنه عين (يقوم بغيره) وما يفهم منه أنه معنى (قائم بغيره) نعلم أن جميع صفات الرب ليست كصفات المخلوقين" الصواب في العبارات (يقوم به) (قائم به) والأولى في المخطوط صحيحة (ج46 لوحة124) ..ومع هذا التصحيح يبقى في التركيب خلل واضح .
2-في (1 /75-77) و(1 /329-331) من ط2:"وبقية الصفاتية النفاة : لها في الصفات العقلية كالعلم والحياة والقدرة، لكن من هؤلاء الصفاتية من يجعل ..." أولا مصطلح الصفاتية يطلق على المثبتة لا النفاة ، ثانيا هؤلاء النفاه لهم في هذه الصفات ماذا؟ الظاهر أنه سقط "قولان" كما قدره محقق ط1، وأما محقق ط2 فقدر المعنى في الهامش أنهم يقصرون الاثبات عليها، ثالثا : إذا صححنا العبارة إلى :"وبقية النفاة لهم في الصفات المعنوية قولان"..فإن الكلام لن يكون متصلا بما قبله لأنه إنما ذكر أهل الإثبات لا النفاة. وبعدها عبارة:"أو لا فرق بين ثبوت" ولا يستقيم المعنى إلا أن تصير "ولا فرق", وبعدها عبارة :"وإن كان بقية الطوائف بينهم نزاع في ذلك قيل له الحنابلة أيضا بينهم نزاع" وهي عبارة مشكلة لفظا ومعنى ..محقق ط2 حاول معالجة اللفظ فصير بدايتها:"وإن قال بقية .." ومع ذلك فإن الكلام غير متصل بما قبله، وما حكاه عن الحنابلة إنما هي أقوال النفاة وهو صرح بحصر المقالات الممكنة عندهم وعند غيرهم. وفي هذا الموضع تصحيحات كثيرة للمحقق الأول خالف فيها نص المخطوط لا يفهم النص إلا بها.
3-في (1 /91-92) الموافقة ل(1/ 356-357) موضع تصرف فيه محقق ط1 ومواضع تصرف فيها محقق ط2..ومع ذلك تبقى كلمات أخرى محل غموض واتهام بالتحريف والنص في الكواكب (ج46 لوحة 122)..
كتبه: د.محمد حاج عيسى الجزائري الاستاذ بكلية العلوم الاسلامية - تلمسان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق